الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة: .قال ابن خالويه: قوله تعالى: {وإذا البحار سجرت} يقرأ بالتخفيف والتشديد فالحجة لمن خفف انه أراد به ملئت مرة واحدة ودليله قوله: {والبحر المسجور} والحجة لمن شدد انه أراد انها تفتح فيفضي بعضها إلى بعض فتصير بحرا واحدا. والفرق بين الخلف في هذا والاتفاق على تخفيف {وإذا الوحوش حشرت} أن حشر الوحوش إنما هو موتها وفناؤها أو حشرها لتقتص لبعضها من بعض ثم يقال لها كوني ترابا والتشديد انما هو للمداومة وتكرير الفعل ولا وجه لذلك في حشر الوحوش. قوله تعالى: {نشرت} يقرأ بالتشديد والتخفيف فالحجة لمن شدد انه أراد نشر كل صحيفة منها فقد دام الفعل وتكرر ودليله قوله: {أن يؤتى صحفا منشرة}. والحجة لمن خفف أنه أراد نشرها مرة واحدة ودليله قوله في {رق منشور} والحجة في قوله: {وإذا الجحيم سعرت} كالحجة فيما تقدم. قوله تعالى: {وما هو على الغيب بضنين} يقرأ بالضاد والظاء فوجه الضاد يراد به ما هو بخيل ووجه الظاء يراد به ما هو بمتهم والغيب ها هنا ما غاب عن المخلوقين واستتر مما أوحى الله عز وجل اليه واعلمه به واما قوله: {يؤمنون بالغيب} قيل بالله عز وجل وقيل بما غاب عنهم مما أنبأهم به الرسول عليه السلام من أمر الآخرة والبعث والنشور وقيل بيوم القيامة والغيب عند العرب الليل لظلمته وستره كل شيء بها. اهـ. .قال ابن زنجلة: {وإذا البحار سجرت} قرأ ابن كثير وأبو عمرو وإذا البحار سجرت بالتخفيف حجتهما قوله: {والبحر} المسجور ولم يقل المسجر واعلم أن التخفيف يقع على القليل والكثير نظير قوله: {قتل الخراصون} و{قتل أصحاب الأخدود} وهم جماعة وكذلك {سجرت}. وقرأ الباقون {سجرت} بالتشديد وحجتهم قوله: {وإذا البحار} ولو كان واحدا لكان تخفيفا كما قال: {والبحر المسجور} والعرب تقول سجرت التنور لا تقول غيره وسجرت التنانير بالتشديد ومعنى سجرت أي أفضى بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا. {وذا الصحف نشرت}. قرأ نافع وابن عامر وعاصم {وإذا الصحف نشرت} بالتخفيف وحجتهم قوله: {في رق منشور} فرد ما اختلوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى، وقرأ الباقون {وإذا الصحف نشرت} بالتشديد قالوا إنه ذكر الصحف وهي جماعة تنشره مرة بعد مرة والتشديد للتكثير كما قال سبحانه: {وغلقت الأبواب} وحجتهم إجماع الجميع على قوله: {صحفا منشرة} ولم يقل منشورة. {وإذا الجحيم سعرت} 12 قرأ نافع وابن عامر وحفص {وإذا الجحيم سعرت} بالتشديد أي أوقدت مرة بعد مرة وحجتهم قوله: {كلما خبت زدناهم سعيرا} فهذا يدل على كثرة وشيء بعد شيء فحقه التشديد. وقرأ الباقون {سعرت} بالتخفيف أي أوقدت وحجتهم قوله: {وكفى بجهنم سعيرا} قوله: {سعيرا} فقيل في معنى مسعور وهذا إنما يجيء من فعل. {وما هو على الغيب بضنين 24} وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي {وما هو على الغيب بضنين} بمعنى ما هو بمتهم على الوحي أنه من الله ليس محمد صلى الله عليه وسلم متهما. وقرأ الباقون {بضنين} بالضاد أي ببخيل يقول لا يبخل محمد صلى الله عليه آتاه الله من العلم والقرآن ولكن يرشد ويعلم ويؤدي عن الله جل وعز. اهـ. .فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة: .قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .[التكوير: الآيات 1- 14] .الإعراب: جملة: (انطوت) {الشمس...} في محلّ جرّ مضاف إليه... وجملة الشرط وفعله وجوابه.. لا محلّ لها ابتدائيّة. وجملة: {كورت...} لا محلّ لها تفسيريّة. وجمل: الشرط وفعله وجوابه الإحدى عشرة التالية... لا محلّ لها معطوفة على الابتدائيّة. والجمل: المقدّرة بعد (إذا)... في محلّ جرّ مضاف إليه. والجمل: (المذكورة بالبناء للمجهول...) لا محلّ لها تفسيريّة. وجملة: {قتلت...} في محلّ نصب مفعول به لفعل السؤال المعلّق بالاستفهام بتقدير حرف الجرّ عن. وجملة: {علمت نفس...} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم. وجملة: {أحضرت...} لا محلّ لها صلة الموصول (ما). .الصرف: (5) {الوحوش}: جمع وحش، اسم لدابة الأرض وزنه فعل بفتح فسكون، والجمع فعول بضمّ الفاء. (8) {الموؤدة}: اسم للجارية تدفن حيّة، وهو اسم مفعول من الثلاثيّ وأد، وزنه مفعول. .البلاغة: تنكير النفس المفيد لثبوت العلم المذكور لفرد من النفوس، أو لبعض منها، للإيذان بأن ثبوته لجميع أفرادها قاطبة، من الظهور والوضوح، بحيث لا يكاد يحوم حوله شائبة اشتباه قطعا، يعرفه كل أحد، إذا هذا التنكير يفيد العموم. .[التكوير: الآيات 15- 22] .الإعراب: جملة: {أقسم...} لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: {عسعس...} في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: {تنفّس...} في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: {إنّه لقول...} لا محلّ لها جواب القسم. وجملة: {ما صاحبكم بمجنون...} لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم. .الصرف: (16) {الكنّس}: اشتقاقه كاشتقاق الخنّس وبمعناه من الثلاثيّ كنس باب ضرب بمعنى غاب في موضعه. (21) {مطاع}: اسم مفعول من الرباعيّ أطاع، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين، وفيه إعلال بالقلب أصله مطوع، تحرّكت الطاء بالفتح بنقل حركة الواو، ثمّ قلبت الواو ألفا لأنّ ما قبلها مفتوح. .البلاغة: لما كان النفس ريحا خاصا، يفرج عن القلب، انبساطا وانقباضا، شبه ذلك النسيم بالنفس، وأطلق عليه اسم الاستعارة. وجعل الصبح متنفسا لمقارنته له. ويجوز أن يكون بعد الاستعارة كناية عن الإضاءة. ويجوز أن يكون هناك مكنية وتخييلية، بأن يشبه الصبح بماش وآت من مسافة بعيدة، ويثبت له التنفس المراد به هبوب نسيمه، مجازا على طريق التخييل. .[التكوير: الآيات 23- 26] .الإعراب: وجملة: {قد رآه...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {ما صاحبكم بمجنون}. 24- (الواو) عاطفة- أو حالية- (ما) نافية عاملة عمل ليس (هو) أي الرسول عليه السلام {على الغيب} متعلق بـ: (ضنين)، (ضنين) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما. وجملة: {ما هو... بضنين} لا محلّ لها معطوفة على جملة {رآه}. 25- (الواو) عاطفة {ما هو بقول} مثل (ما هو بضنين)، وضمير الغائب يعود على القرآن الكريم. وجملة: {ما هو بقول...} لا محلّ لها معطوفة على جملة (ما هو بضنين). 26- (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (أين) اسم استفهام في محلّ نصب ظرف مكان متعلق بـ: {تذهبون} بتقدير حرف جرّ إلى. وجملة: {تذهبون...} في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن تبيّن لكم أمر محمد والقرآن فأين تذهبون... .الصرف: .الفوائد: وإن وقعت على زمان فهي ظرف زمان كقوله تعالى: {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}، أو مكان فهي في محل نصب على الظرفية المكانية كقوله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}، أو حدث فهي نائب مفعول مطلق كقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}، فإن وقع بعدها اسم نكرة نحو (من أب لك؟) فهي مبتدأ، أو اسم معرفة نحو (من أبوك) فهي خبر أو مبتدأ، ولا يقع هذان النوعان في أسماء الشرط لاختصاصها بالأفعال، وإلا فإن وقع بعدها فعل لازم فهي مبتدأ نحو (من قام) ونحو (من يقم أقم معه)، والأصح كما يقول ابن هشام أن الخبر فعل الشرط لا فعل الجواب، وبعضهم يرى أن فعلي الشرط والجواب معا هما الخبر، وإن وقع بعدها فعل متعد، فإن كان واقعا عليها فهي مفعول به كقوله تعالى: {فأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ}. و{أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} و{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ}، وإن كان واقعا على ضميرها نحو (من رأيته) أو متعلقها نحو (من رأيت أخاه؟) فهي مبتدأ أو منصوبة بمحذوف مقدر بعدها يفسره المذكور. - تنبيه: إذا وقع اسم الشرط مبتدأ، فهل خبره فعل الشرط وحده لأنه اسم تام وفعل الشرط مشتمل على ضميره، فقولك (من يقم) لو لم يكن فيه معنى الشرط لكان بمنزلة قولك (كل من الناس يقوم)؟ أو فعل الجواب لأن الفائدة به تمت، ولالتزامهم عود ضمير منه إليه على الأصح، ولأن نظيره هو الخبر في قولك (الذي يأتيني فله درهم)، أو مجموعهما لأن قولك (من يقم أقم معه) بمنزلة قولك (كل من الناس إن يقم أقم معه). والصحيح الأول، وإنما توقفت الفائدة على الجواب من حيث التعلق فقط، لا من حيث الخبرية. هذا ما أورده ابن هشام في المغني.
|